التوبة الحقيقية
يؤكد لنا الوحي الإلهي أن التوبة مطلوبة لغفران الخطايا. فالله في عدله يحكم على الإنسان العاصي بالنار، لكنه عز وجل أيضاً غفور رحيم , فيرحم العاصي إن تاب وطلب الرحمة. وهذا ما حدثنا عنه الوحي الإلهي في الانجيل " إن لم تتوبوا فأنتم أيضا تهلكون".
هل توافق أخي المسلم أن التوبة شرط أساسي لنيل الغفران؟ فهذا ما يؤكده كاتب القرآن(إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً)
لكن الكثير من الناس يخلطون بين التوبة و الندم، ولا يفرقون بينهما, وهذا خطأ خطير جداً. إذ أن الوحي الإلهي أمر بالتوبة كشرط للحصول على الغفران، و لم يأمر بالندم فقط. فما الفرق بينهما إذاً؟
الندم: هو الشعور بالذنب لإرتكاب الخطأ .
التوبة: هي الندم على إرتكاب المعصية و تصحيح الخطأ
إذن التوبة ليست فقط شعوراً، بل أيضاً عملٌ. دعني أوضح ذلك بمثال :
1. لو قام شخص بسرقة أموالك، فأخذ منك ١٠٠٠،٠٠٠ دولار على سبيل المثال , نستطيع أن نقول أن هذا الشخص قد إرتكب خطأ بحقك، أليس كذلك؟
2. لكن هذا اللص شعر بالذنب على ما فعل، و أحس بتأنيب الضمير. فقرر الإتصال بك، و إعترف لك باكياً أنه سرق أموالك .......... نستطيع أن نقول الآن أن هذا اللص قد شعر بالندم أليس كذلك؟
3. ثم طلب ذلك اللص منك أن تسامحه حتى يريح ضميره، لكنه أصر على ابقاء المال المسروق لإستعماله الشخصي ................................هل نستطيع أن نقول أن هذا اللص قد تاب؟
4. أيضاً أكد لك هذا اللص أنه لم يسرق من قبل و يحلف أمامك أنه لن يسرق مرة أُخرى سواء منك أو من غيرك أبداً بقية حياته، لكنه في الوقت ذاته لم يحاول إعادة مالك المسروق ............هل نستطيع أن نقول أن هذا اللص قد تاب الآن؟
هل اتضحت لك المشكلة عزيزي القاريء؟ هذا اللص إرتكب جريمة وندم على ما فعل، لكنه لم يعيد الأموال المسروقة ، هو حقاً صمم أن لا يسرق مرة ثانية في حياته، لكن ألا توافقني أنه واجب عليه إعادة الأموال المسروقة؟
هذا اللص ندم على جرمه، لكنه لم يتوب.
هل ترى الفرق عزيزي القاريء بين الندم والتوبة الحقيقية؟ وهذا ما يطلبه الله منا نحن البشر الخاطئين.
كلنا نحن البشر خاطئون, أليس كذلك؟ هل من إنسان معصوم عن الخطأ؟ أنا وأنت عزيزي القاريء قد كسرنا الشريعة الإلهية بشكل أو بآخر، أليس كذلك؟ إذن جميع البشر يحتاجون للتوبة ....وهنا تختلط الأمور على الكثيرين.
1. هناك من يبررون خطأهم لأسباب كثيرة ولا يشعرون حتى بالندم..........هل سينالون الغفران؟
2. و هناك من يشعرون بالندم أمام الله، فيتوقفون عن العصيان لكن لا يدفعون ثمن عصيانهم …......................................................................................هل سينالون الغفران؟
3. و هناك من يظنون أن شعورهم بالندم و طلبهم المغرة يكفي، دون أن يدفعوا ثمن العصيان ….....................................................................................هل سينالون الغفران؟
الوحي الإلهي واضح في هذه المسالة...... "إن لم تتوبوا فأنتم أيضا تهلكون"
الهلاك هو مصير كل إنسان لم يتوب، فالندم وحده لا يكفي .و الشعور بالذنب وحده لا يكفي.و طلب المغفرة وحدها لا تكفي. الله يطلب منا التوبة
.التوبة وحدها فقط تؤدي للغفران.
لكن كيف يمكن للإنسان الضعيف أن يدفع ثمن خطأه تجاه الله عز وجل؟ كيف يمكن للإنسان أن يقدم لله القدير الجبار ما يعوض على كسره للشريعة الإلهية؟
لو عدنا إلى مثالنا السابق، وقلنا أن اللص قد صرف المليون دولار، أو فقدها. لكنه شعر بالندم وأراد أن يعيد الأموال المسروقة التي لم يعد يملكها....فكيف يمكنه أن يتوب الآن؟
هذه هي مشكلتنا نحن البشر. لقد كسرنا الشريعة الإلهية ونحن الآن عاجزون عن دفع الثمن. وهذا ما يحدثنا عنه الوحي الإلهي في التوراة والإنجيل: أن الإنسان قد عصى الله وكسر الشريعة الإلهية، وهو، أي الإنسان، الآن عاجز عن دفع ثمن خطأه. الله غفور رحيم ، ويغفر لنا إن تبنا .
هل ترى المعضلة أخي القاريء؟ لذلك تحدثنا التوراة عن ضرورة مجئ المخلص، و يبشرنا الإنجيل أن المخلص الموعود قد أتى و دفع ثمن خطايانا التي عجزنا عن دفع ثمنها. لهذا يقول السيد المسيح عن نفسه " أنا هو الطريق و الحق والحياة" .
بعض الناس يعتقدون أن أعمال الخير قد تدفع ثمن الشرور التي نرتكبها ، لكن هذا خطأ شائع. لو عدنا إلى مثالنا السابق عن اللص الذي سرق المليون دولار وعجز عن إعادتها ، ماذا لو اقترح ذلك اللص و تعهد بدفع دولار واحد يومياً لصاحب الأموال المسروقة، تُرى متى تظن أنه سيتمكن من دفع كامل ثمن سرقته؟
رجاءاً أحسبها معي عزيزي القاريء ، وستجد أنه سيأخذ أكثر من 2700 سنة.
كل انسان خاطيء يظن أنه باستطاعته أن يعوض الله عن كسره الشريعة الإلهية بأعمال صالحة لكنه لن يقدر عزيزي القاريء . فثمن كسر شريعة الله ثمن لا نقدر نحن البشر أن ندفعه. إنظر هنا لمعرفة المزيد عن هذا الموضوع
فهل ستحاول عبثاً أخي القرارئ أن تدفع لله خالق الكون ثمن عصيانك ؟ أم هل تتواضع أمام خالقك وتعترف بعجزك لتنال الخلاص على يد الله القدير؟ هل تقبل هذه الفرصة أخي القاريء و تعترف بخطاياك أمام الله و تقبل هبة المسيح لتتمكن من التوبة وتنال الان؟
هداك الله