الحاسم فى الإتيان بمثله
وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة:23) (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (يونس:38) (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (الاسراء:88) (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ) (الطور:34)
إليك التحدي الذي تريده هذه الآيات:
سورة التراب
لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَال ( 1) ٍ لَابْتَغَى وَادِيًا ثَالِثًا وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَاب( 2) وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَاب ( 3)َ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ( 4 ) فَتُكْتَبُ شَهَادَةً فِي أَعْنَاقِكُمْ فَتُسْأَلُونَ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ( 5) *
سورة الخلع
( بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونتوب إليك ونؤمن بك ونتوكل عليك و تثنى عليك الخير كله نشكرك ولا نكفرك ونترك ونخلع من يفجرك)
ومعنى نخلع من يفجرك: نترك من يعصيك ويلحد فى صفاتك.
سورة الحفد
( بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إياك نعبد ولك نصلى ونسجد واليك نسعى و نحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك الجد بالكفار ملحق)
معنى نحفد: نبادر ونسارع الى طاعتك.
فهل ترى هذه الآيات بالقران؟؟؟ طبعاً لا.
إذن أنا أتيت لك بمثله وهى آيات عددها اكبر من سورة الكوثر بالقران .. فما تعليقك على هذا الإتيان بمثله الذي أتيت لك به؟؟؟
أسئلة:
السؤال الاول: ان سورة الحفد وسورة الخلع هم مجرد دعاء.
الإجابة: وماذا فى ذلك ؟؟ ان سورة الفاتحة فى القران هى كلها مجرد دعاء فقط ايضا .. وتجد بالقران الكثير من آيات الدعاء ايضا المتفرقه هنا وهناك مثلا:
(رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ) (ابراهيم:40)
)هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ) (آل عمران:38)
فآيات الدعاء هى قران ايضاً... فالدعاء لا يعنى انه ليس قران ...
وتقدر ان تقول أننا آتينا بمثل سورة الفاتحة.
السؤال الثانى: هذه السور هى تندرج تحت بند الناسخ والمنسوخ.
الإجابة: الناسخ والمنسوخ هو فى الأحكام ولكن بكل تأكيد لا يوجد فى الأخبار او القصص او الدعاء
ان الله فى القران يغير من كلامه فى الأحكام مثلا تغيير عدة المتوفى زوجها حيث إن الله أمر المتوفَّى عنها زوجها بالاعتداد حولاً كاملاً ثم نسخ ذلك بأربعة أشهر وعشراً-
أمر بالعدّة أن تكون حولاً كاملاً في قوله: “وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ ; (البقرة 2: 240) هذه الآية منسوخة بآيةٍ سبقتها هي: “وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ; (2: 234).
وايضا الناسخ والمنسوخ حيث يقولون قصد به الله التدريج كما ترى فى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) (لأنفال:65) وهنا يعد الله المؤمنين بأنة 20 منهم يغلبون 200 وال100 يغلبون 1000 وعندما طبق نبى الاسلام هذة الآية وجد الهزيمة فماذا يفعل ؟؟؟ تنزل آية مضادة للماضية.
(الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (لأنفال:66) وهنا صحح الله الوضع.
وحتى النبى المعصوم تم تغيير حكم الله فى ( الأحزاب 52) حيث يقول الله لرسوله ( لايحل لك النساء من بعد ولا ان تبدل بهن من ازواج ولو اعجبك حسنهن ) وهنا نهى تام عن الزواج غير ان الله رجع فى كلامة وبدل هذا بأمر مناقض هو الآية 50 ( انا احللنا لك ازواجك ) الى قولة (وامراة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبى ان اراد النبى ان يستنكحها ) فقارن معى القول ( لا يحل لك) بالقول( انا احللنا لك) والغريب جدا ان التحليل اتى اولا ثم التحريم اتى بعد ذلك ويكون المنسوخ اولا ثم الناسخ بعد ذلك.
لكن من المستحيل التصديق بان دعاء مثل سورة الخلع وسورة الحفد يمكن ان ينسخه ويلغيه الله !!!!! او كلام ليس به اى أحكام مثل سورة التراب يمكن ان ينسخه اى يلغيه الله .. هل الله بيحب النسخ والالغاء هكذا بدون اى سبب؟؟ ونلاحظ ان الله اذا نسخ امرا اعطى بديل له ولكن فى الخلع والحفد لم يعطى بديل.
هل تقول أن هاتين السورتين منسوختين عزيزي القارى؟؟؟
فانا اقول لك أستغرب جدا هذا ... لماذا؟
و ما الداعي لنسخهما؟
فهما لم تحملا أي من الأحكام التي احتاجت لظرف ما أن تُنسَخ.
فهل يمكن أن ننسخ الاستعانة بالله والاستغفار والثناء عليه و عدم الكفر به ؟؟؟ هذا بالنسبة للخلع مثلاً.
مراجع :
سورتي الخلع والحفد :
ذكر الحافظ السيوطي في ( الإتقان ) سورتين سمّاها: ( الحفد ) و ( الخلع ) وروى أنّ السورتين كانتا ثابتتين في مصحف اُبيّ بن كعب ومصحف ابن عبّاس، وأنّ أمير المؤمنين علّمهما عبدالله الغافقي، وأنّ عمر بن الخطّاب قنت بهما في صلاته، ... وأنّ أبا موسى كان يقرؤهما (الإتقان في علوم القرآن 1 : 226.)
سورة التراب
هناك أحاديث واردة حول سورة كانوا يشبّهونها في الطول والشدّة بسورة براءة، ومنها :
ما رواه مسلم في صحيحه، والحاكم في مستدركه، والسيوطي في الدّر المنثور عن مسلم وابن مردويه وأبي نعيم والبيهقي، عن أبي موسى الأشعري، أنّه قال لقرّاء أهل البصرة: « وإنّا كنّا نقرأ سورة كنا نشبّهها في الطول والشدّة ببراءة فنسيتها غير أنّي حفظت منها : لو كان لابن آدم واديان من مال لا بتغى وادياً ثالثاً، ولا يملأ جوفه إلاّ التراب ») صحيح مسلم 2 : 726 ح 1050 ، المستدرك على الصحيحين 2 : 224 ، الدر المنثور .
(البخارى كتاب الرقاق 5957 حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ مِثْلَ وَادٍ مَالًا لَأَحَبَّ أَنَّ لَهُ إِلَيْهِ مِثْلَهُ وَلَا يَمْلَأُ عَيْنَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَلَا أَدْرِي مِنَ الْقُرْآنِ هُوَ أَمْ لَا قَالَ وَسَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ ذَلِكَ عَلَى الْمِنْبَرِ *)
فيقول هنا ابن عباس فى حديث البخارى السابق انه لا يعرف هذه الآيات ان كانت من القران ام لا .. ولو كان القران معجزة قاهرة واضحة ولم يعرف العرب ان يأتوا بمثلها فكيف لا يعرف ابن عباس القران المعجزة من الغير معجزة؟؟؟ فواضح هنا ان القران ليس معجزة ويوجد مثله لان المعجزة تكون واضحة ظاهرة تماما بحيث يسهل جدا معرفتها وإيضاحها.. وإلا كان ابن عباس يكون واثقا كل الثقة مفرقا بوضوح بين القران وبين غيره.
المشكلة أن القرآن يقرر سلفاً أن الإنسان لن يستطيع أن يأتي بمثل القرآن ، فنجده يقول :
(لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ(
(وَلَنْ تَفْعَلُوا)
و هذا نوع من الرفض المسبَق يجب أن ننبه له .
فهو يشبه من قول المتنبي : "لا أحد يستطيع أن يكتب بطريقتي ، و لن يستطيع أحد أن يكتب عشر قصائد ، بل قصيدة مثل قصائدي "
المشكلة أن المعيار هنا هو معيار المتنبي الشخصي تماماً، فكلما جئناه بقصيدة على غرار قصائده، ابتسم لنا ساخراً وقال هذه لا تصل إلى كعب قصائدي، وهكذا يفعل من يؤمنون بشِعرِه مهما كتبتَ لهم من قصائد تشبه قصائد المتنبي أو تفوقها جودة و بلاغة، سيبقى ردهم أبدا ودائماً (هه، هذه تزويرات مفضوحة و لا تصل إلى كعب المتنبي)، لأنهم يؤمنون إيمان كامل أن المتنبي قال: "لا أحد يستطيع أن يكتب بطريقتي، ولن يستطيع أحد أن يكتب عشر قصائد، بل قصيدة مثل قصائدي " .
ويمكنك أن تقيس على كل الأدباء المميزين بلغتهم وأساليبهم الخاصة بنفس الطريقة .
فالشاعر نزار قباني مثلاً سيقول لك أن شعره أجمل شعر في العالم، و كلما أتيت له بقصيدة لو كانت للمتنبي، سيقول لك هي جميلة لكني شعري أجمل. و هكذا الحال مع تلاميذه ومعجبيه .
لذلك أقول، أن الاحتكام إلى المؤلف نفسه أو الأتباع في تقرير الأبلغ والأجمل والأجوَد هو احتكام غير صحيح، وهو يشبه أن يقول أحدهم أن القران ليس من عند الله، فيردّ عليه شخص بأن الله قال أنه تنزيلٌ من رب العالمين، فهذا استدلال فاسد، لأن الشيء لا يكون شاهداً على نفسه .
من هنا نستنتج أن ما سيُكتَب من آيات تحاكي أسلوب القرآن سيكون رفضها قاطع سلفاً من الأخوة المسلمين خصوصاً لأنهم يتحلّون بثقة كاملة في استحالة خروج نص يشبه القرآن، لكننا غير مُجبرين باتباع مقاييسهم الشخصية .
ولو قال أحدهم أن الكفار نفسهم شهدوا ببلاغة القرآن، سنقول أنهم قالوا :
أنه كلامٌ بشريٌ عادي: "إن هو إلا قول البشر " المدثر 25
وأن محمداً مجنوناً: "وما صاحبكم بمجنون" التكوير 22 ، "ما أنت بنعمة ربك بمجنون" القلم 2 ، "
ويقولون إنه لمجنون " القلم 51
وشاعراً: "و ما هو بقول شاعرٍ قليلاً ما تؤمنون " الحاقة 41
وكاهناً: " و لا بقول كاهنٍ قليلاً ما تذكّرون " الحاقة 42
ومفترى : " يقولون افتراه " هود 13
وأن القرآن أساطير الأولين : " إذا تُتلى عليه ياتنا قال أساطير الأولين " المطففين 13 + القلم 15
" قرآناً عجبا " سورة الجن : هذا رأي الجن به ، لكن كيف يمكن أن نحتكم إلى الجن .
وساحراً: " إن هو إلا سحرٌ يؤثر" المدثر 24
فهذا هو رأي أهل قريش في القرآن، أثبتها القرآن في رده عليهم، وكلها آراء لا تمنح النص القرآني أي إعجاز، اللهم إلا قولهم أنه سحر .
و هل إذا سحر النصُّ القارئَ يعني أنه وحيٌ من عندِ الله ؟؟؟ ليس بالضرورة .
و عندما ينقل لنا التاريخ الإسلامي محاولات الأقدمين في تقليد القرآن، نجده يذكر لنا قصص مضحكة تشبه تلك التي نقلوها عن مسيلمة حين قال يحاكي القرآن :
الفيل وما ادراك ما الفيل
الفيل ،له خرطوم طويل
الضفدع له نقيع ينقع
و الوبر كذا و كذا
ثم يضحكون رضاً و فرحاً ويحمدون الله أن المحاولة فاشلة مضحكة .
ويتناسون إن أي قصيدة إذا حاولت أن تأتى بمثلها قالوا عليك نفس ما يقولونه تماما عندما تأتى بمثل القران فيقولون بان التقليد هنا هو محاولة فاشلة.
فارجو ان يأتي أحد ببيت من أي قصيدة تعجبه ثم يأتي ببيت مثله متطابق تمام الانطباق من جميع الاتجاهات وان لم يستطع فتكون هذه القصيدة معجزة لانهم لم يقدروا على الإتيان بمثله.
مثلا هل تقدر ان تأتى لي بمثل هذا البيت :
( وقف الخلق ينظرون جميعا ... كيف أبني قواعد المجد وحدي
ومثلا تتكرر بالقران ستة مرات آية هى ( الم) (البقرة:1) فأنا أعطيك آية من عندي من تأليفي هي ( س ص ع ) او ( ك ل م ) فهل تريني كيف تقدر على الإتيان بمثلها ؟؟
فان لم تقدر ان تأتى بمثلها ... أكون قد أعطيتك آية معجزة.
وان أتيت بمثلها سأرى كيف فعلت ذلك وسأفعل نفس فعلتك تماما واتبع نفس الطريقة وأعطيك آية هي مثل( الم ) القرآنية .. وبذلك أكون قد أتيت لك بمثله.
وهذا كمثال لآيات قرآنية كثيرة.