من هو يسوع
ضيافة السماء: وليمة في الجنة
ضيافة السماء: وليمة في الجنة
وليم كلارك
دعي يسوع المسيح إلى العشاء في بيت وجيه من الفريسيين. وأثناء العشاء قدم يسوع إلي مضيفه اقتراحا فيه تحدٍ:
" وَقَالَ أَيْضاً لِلَّذِي دَعَاهُ: ’إِذَا صَنَعْتَ غَدَاءً أَوْ عَشَاءً فَلاَ تَدْعُ أَصْدِقَاءَكَ وَلاَ إِخْوَتَكَ وَلاَ أَقْرِبَاءَكَ وَلاَ الْجِيرَانَ الأَغْنِيَاءَ، لِئَلاَّ يَدْعُوكَ هُمْ أَيْضاً فَتَكُونَ لَكَ مُكَافَاةٌ. بَلْ إِذَا صَنَعْتَ ضِيَافَةً فَادْعُ : الْمَسَاكِينَ الْجُدْعَ، الْعُرْجَ الْعُمْيَ فَيَكُونَ لَكَ الطُّوبَى إِذْ لَيْسَ لَهُمْ حَتَّى يُكَافُوكَ، لأَنَّكَ تُكَافَى فِي قِيَامَةِ الأَبْرَارِ. ‘
فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُتَّكِئِينَ قَالَ لَهُ: ’طُوبَى لِمَنْ يَأْكُلُ خُبْزاً فِي مَلَكُوتِ اللهِ.‘
قالَ لَهُ: ’إِنْسَانٌ صَنَعَ عَشَاءً عَظِيماً وَدَعَا كَثِيرِينَ، وَأَرْسَلَ عَبْدَهُ فِي سَاعَةِ الْعَشَاءِ لِيَقُولَ لِلْمَدْعُوِّينَ ’تَعَالَوْا لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ أُعِدَّ.‘
فَابْتَدَأَ الْجَمِيعُ بِرَأْيٍ وَاحِدٍ يَسْتَعْفُونَ. قَالَ لَهُ الأَوَّلُ، ’إِنِّي اشْتَرَيْتُ حَقْلاً ، وَأَنَا مُضْطَرٌّ أَنْ أَخْرُجَ وَأَنْظُرَهُ. أَسْأَلُكَ أَنْ تُعْفِيَنِي.‘ وَقَالَ آخَرُ، ’إِنِّي اشْتَرَيْتُ خَمْسَةَ أَزْوَاجِ بَقَرٍ، وأنا مَاضٍ لأَمْتَحِنَهَا. أَسْأَلُكَ أَنْ تُعْفِيَنِي. ‘ وَقَالَ آخَرُ، ’إِنِّي تَزَوَّجْتُ بِامْرَأَةٍ، فَلِذَلِكَ لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَجِيءَ.‘
فَأَتَى ذَلِكَ الْعَبْدُ وَأَخْبَرَ سَيِّدَهُ بِذَلِكَ. حِينَئِذٍ غَضِبَ رَبُّ الْبَيْتِ ، وَقَالَ لِعَبْدِهِ، اخْرُجْ عَاجِلاً إِلَى شَوَارِعِ الْمَدِينَةِ وَأَزِقَّتِهَا ، وَأَدْخِلْ إِلَى هُنَا الْمَسَاكِينَ وَالْجُدْعَ وَالْعُرْجَ وَالْعُمْيَ.‘
فَقَالَ الْعَبْدُ، ’يَا سَيِّدُ ، ’ قَدْ صَارَ كَمَا أَمَرْتَ ، وَيُوجَدُ أَيْضاً مَكَانٌ.‘ فَقَالَ السَّيِّدُ لِلْعَبْدِ، ’اخْرُجْ إِلَى الطُّرُقِ وَالسِّيَاجَاتِ وَأَلْزِمْهُمْ بِالدُّخُولِ حَتَّى يَمْتَلِئَ بَيْتِي. لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ، إِنَّهُ لَيْسَ وَاحِدٌ مِنْ أُولَئِكَ الرِّجَالِ الْمَدْعُوِّينَ يَذُوقُ عَشَائِي.‘" (لوقا 14: 12-24)
ويتساءل المرء عما إذا كان في الوليمة ما يستوجب قول ذلك الضيف، ’طُوبَى لِمَنْ يَأْكُلُ خُبْزاً فِي مَلَكُوتِ اللهِ.‘ ولا شك أن ذلك الضيف كان يشير إلى ما سبق أن ذكره النبي أشعياء عن ذلك اليوم الذي سيقيم الله فيه وليمة ، حسبما ما هو مكتوب :
وَيَصْنَعُ رَبُّ الْجُنُودِ لِجَمِيعِ الشُّعُوبِ فِي هَذَا الْجَبَلِ وَلِيمَةَ سَمَائِنَ وَلِيمَةَ خَمْرٍ عَلَى دُرْدِيٍّ سَمَائِنَ مُمِخَّةٍ دُرْدِيٍّ مُصَفّىً [وليمة فيها الطعام الدسم الوفير والخمر المعتقة - ترجمة تفسيرية]. وَيُفْنِي فِي هَذَا الْجَبَلِ وَجْهَ النِّقَابِ الَّذِي عَلَى كُلِّ الشُّعُوبِ وَالْغِطَاءَ الْمُغَطَّى بِهِ عَلَى كُلِّ الأُمَمِ. يَبْلَعُ الْمَوْتَ إِلَى الأَبَدِ وَيَمْسَحُ السَّيِّدُ الرَّبُّ الدُّمُوعَ عَنْ كُلِّ الْوُجُوهِ وَيَنْزِعُ عَارَ شَعْبِهِ عَنْ كُلِّ الأَرْضِ لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ تَكَلَّمَ. وَيُقَالُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ: ’هُوَذَا هَذَا إِلَهُنَا. انْتَظَرْنَاهُ فَخَلَّصَنَا. هَذَا هُوَ الرَّبُّ انْتَظَرْنَاهُ. نَبْتَهِجُ وَنَفْرَحُ بِخَلاَصِهِ.ٍ" (أشعياء 25: 6-9)
ومما يثير الانتباه أن القرآن يلمح إلى اثنين من هذه الموضوعات. فالجنة توصف بأنها "مكان النجاة / الخلاص: لايمسهم السؤ ولا هم يحزنون" (الزمر39: 61) وكذلك لا يوجد موت في الجنة وفيها سيأكل الناس طعاما وفيرا. (الدخان 44: 55-57)
توكيد ذلك في كتاب الرؤيا
لنلق نظرة فاحصة على نبؤة أشعياء، " يَبْلَعُ الْمَوْتَ إِلَى الأَبَدِ." فما معنى يبلع الموت؟ وكيف سيبلَعُ الله الموتَ؟ من المهم أن نفكر في الموت، كما قال سليمان: "قلبُ الحكماء في بَيتِ النُّواحِ، وقلبُ الجهَّالِ في بَيتِ المرَحِ. " (الجامعة 7: 4)
يتبين معظم الناس رنة صدق في رؤيا أشعياء التي رأى فيها الله يمسح الدموع والموت يُزال. في الواقع ترد هذه الرؤيا ثانية في آخر الكتاب المقدس. يقول الرسول يوحنا:
ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضاً جَدِيدَةً، لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى مَضَتَا، وَالْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ. وَأَنَا يُوحَنَّا رَأَيْتُ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُهَيَّأَةً كَعَرُوسٍ مُزَيَّنَةٍ لِرَجُلِهَا. وَسَمِعْتُ صَوْتاً عَظِيماً مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً: ’هُوَذَا مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْباً. وَاللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلَهاً لَهُمْ. وَسَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ.‘ (رؤيا 21: 1-4)
لاحظ كيف أكد يوحنا في رؤياه نبؤة أشعياء التي ذكر فيها أن الموت سيُزال وسوف تُمسح الدموع. ويقول يوحنا أن ذلك سيتم في أورشليم، وعلى الخصوص "أورشليم الجديدة." ولكن كيف ترتبط نبؤة أشعياء الخفية المعنى برؤيا يوحنا التي حدثت بعدها ب 800 سنة؟ وهل هناك نقاط تبين لنا كيف سيبطل الله الموت؟
الربط بين النقاط
إن الاصحاح الأول من كتاب الرؤيا يوفر لنا مفتاحا لحل المسألة. لقد رأى يوحنا منظرا مهيبا ليسوع المسيح. ولمهابة ذلك المنظر سقط يوحنا عند قدمي يسوع وكأنه ميت. ثم كتب يوحنا،...
فَلَمَّا رَأَيْتُهُ سَقَطْتُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ كَمَيِّتٍ، فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَيَّ قَائِلاً لِي: ’لاَ تَخَفْ، أَنَا هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ، وَالْحَيُّ. وَكُنْتُ مَيْتاً وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ. وَلِي مَفَاتِيحُ الْهَاوِيَةِ وَالْمَوْتِ.‘ (رؤيا 1: 17- 18)
فما الذي عناه يسوع بقوله "لي مَفَاتِيحُ الْهَاوِيَةِ وَالْمَوْتِ" ؟ المعنى المتضمّن واضح: إذا كان هناك شخص محبوس، في سجن مقفل فإنه لا يستطيع الخروج منه ما لم يأت شخص مسؤؤل لديه مفتاح القفل فيفتح قفل الباب ويسمح لذلك الشخص بالخروج.
مما يستحق الاهتمام أن تتناسب هذه الصورة مع وصف كاتب المزمور 49 للموت. يحاول كاتب المزمور أن يُلِم بمعنى الموت. فينشد أنشودة تتضمن "حلا للغز." فيرسم صورة للموت وهو يلقي بظله القاتم على كل شيء. يقول الكاتب جازما، أن الإنسان "لا يستطيع أن يفدي إنسانا آخر ولا يستطيع أن يعطي الله فدية عن نفسه." (49: 7) ثم في الآية 15 يتغير المزاج ويقول الكاتب، "إِنَّمَا اللهُ يَفْدِي نَفْسِي مِنْ يَدِ الْهَاوِيَةِ (القبر) لأَنَّهُ يَأْخُذُنِي." إن شهادة الكاتب الشخصية تخترق الظلام كشعاع قوي من النور.
ويعطينا لوقا 7: 11- 17 مفتاحا آخر يساعدنا على ربط النقاط. في هذا المقطع نرى يسوع يجترح معجزة أخرى تتحدى الموت:
وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي ذَهَبَ إِلَى مَدِينَةٍ تُدْعَى نَايِينَ ، وَذَهَبَ مَعَهُ كَثِيرُونَ مِنْ تَلاَمِيذِهِ وَجَمْعٌ كَثِيرٌ. فَلَمَّا اقْتَرَبَ إِلَى بَابِ الْمَدِينَةِ ، إِذَا مَيْتٌ مَحْمُولٌ ، ابْنٌ وَحِيدٌ لأُمِّهِ ، وَهِيَ أَرْمَلَةٌ وَمَعَهَا جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ الْمَدِينَةِ. فَلَمَّا رَآهَا الرَّبُّ تَحَنَّنَ عَلَيْهَا، وَقَالَ لَهَا: ’لاَ تَبْكِي.‘ ثُمَّ تَقَدَّمَ وَلَمَسَ النَّعْشَ ، فَوَقَفَ الْحَامِلُونَ. فَقَالَ: ’أَيُّهَا الشَّابُّ ، لَكَ أَقُولُ قُمْ.‘ فَجَلَسَ الْمَيْتُ وَابْتَدَأَ يَتَكَلَّمُ ، فَدَفَعَهُ إِلَى أُمِّهِ.
فأَخَذَ الْجَمِيعَ خَوْفٌ ، وَمَجَّدُوا اللهَ قَائِلِينَ: ’قَدْ قَامَ فِينَا نَبِيٌّ عَظِيمٌ ، وَافْتَقَدَ اللهُ شَعْبَهُ.‘
وَخَرَجَ هَذَا الْخَبَرُ عَنْهُ فِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَفِي جَمِيعِ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ.
كذلك فإننا نجد مفتاحا آخر في يوحنا 5: 27-29 حيث صرّح يسوع بأن الله أعطاه "سلطانا أَنْ يَدِينَ أَيْضاً، لأَنَّهُ ابْنُ الإِنْسَانِ. لاَ تَتَعَجَّبُوا مِنْ هَذَا، فَإِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْت ابن اللهُ، فَيَقومون."
ونقرا في مكان آخر كيف أقام يسوع لعازر من الموت وقال: "أنا هو القيامة والحياة." (يوحنا 11: 25)
ويقدم لنا يوحنا مفتاحا ثلاثيا لنفهم زوال الموت. ففي ثلاث مناسبات ادعى يسوع بأن من يتبعه لن يموت أبدا:
1) يوحنا 11: 26 "وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيّاً وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ؟"
2) يوحنا 8: 51 " اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْفَظُ كلاَمِي فَلَنْ يَرَى الْمَوْتَ إِلَى الأَبَدِ"
3) يوحنا 5: 24 "اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ، بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ."
إن المفاتيح التي تناولناها حتى الآن تتركز في الدموع والموت. دعنا الآن نعيد فحص المقاطع التي تتحدث عن زوال الموت أي "ابتلاع الموت."
لا شك أنك تذكر بحسب أشعياء 25 ورؤيا يوحنا اللاهوتي 21 أن أورشليم هي المكان الذي فيه يُزال فيه الموت نهائيا. والآن سنرى أن يسوع تنبأ بأنه سوف يَقهر الموت في أورشليم:
وَأَخَذَ الاِثْنَيْ عَشَرَ وَقَالَ لَهُمْ: ’هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ ، وَسَيَتِمُّ كُلُّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ بِالأَنْبِيَاءِ عَنِ ابْنِ الإِنْسَانِ لأَنَّهُ يُسَلَّمُ إِلَى الأُمَمِ وَيُسْتَهْزَأُ بِهِ ، وَيُشْتَمُ وَيُتْفَلُ عَلَيْهِ، وَيَجْلِدُونَهُ ، وَيَقْتُلُونَهُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ.‘ أمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً، وَكَانَ هَذَا الأَمْرُ مُخْفىً عَنْهُمْ ، وَلَمْ يَعْلَمُوا مَا قِيلَ. (لوقا 18: 31-34)
إن معظم القراء المسيحيين لا يجدون صعوبة في ربط النقاط. فهم يستطيعون أن يروا أن قيامة المسيح تثبت بطريقة درامية أن يسوع قد قهر الموت وانتصر على القبر! إلا أننا نحتاج أن نضع أنفسنا مكان التلاميذ. لقد سبق لهم أن سمعوا يسوع في عدة مناسبات يتنبأ بموته ومع ذلك " بقوا لا يفهمون شيئا من ذلك."
دعنا إذا عندما نناقش هذه الأمور، لا سيما مع الذين يجدون صعوبة كبرى في قبولها كما حدث مع تلاميذ يسوع، دعنا نتصف بطول الآناة. فالشعب اليهودي شبَّ وهو يتوقع أن يأتي المسيا كملك قوى ومحرر يحرر أمتهم. أما فكرة مجيئ المسيح ليموت بأيدي أناس أشرار فكانت فكرة غريبة عنهم، مع أنها سبق أن وردت في الكتاب المقدس (مثلا، نبؤة اشعياء). كذلك هي الحال بالنسبة إلى المسلمين، الذين يعترضون على هذه الفكرة. فلا يستطيع المسلم أن يتصور كيف يسمح الله بأن يموت النبي عيسى بطريقة مخزية وغير عادلة.
ليس مستغربا إذا أن نرى أحد تلاميذ يسوع يعترض بشدة على فكرة موت المسيح. ففي إحدى المناسبات تنبأ يسوع بموته فوبخه بطرس! وهذه المحادثة بين يسوع وبطرس وردت في إنجيل متى 16: 21- 23:
مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يُظْهِرُ لِتَلاَمِيذِهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيراً مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ ، وَيُقْتَلَ ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ.
فَأَخَذَهُ بُطْرُسُ إِلَيْهِ وَابْتَدَأَ يَنْتَهِرُهُ قَائِلاً: ’حَاشَاكَ يَا رَبُّ! لاَ يَكُونُ لَكَ هَذَا!‘ فَالْتَفَتَ وَقَالَ لِبُطْرُسَ: ’اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ! أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي ، لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا لِلَّهِ لَكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ.‘
ختام المناقشة
لقد ركزنا مناقشتنا حول كيفية الربط بين رؤيا أشعياء ورؤيا يوحنا. وفكرنا بصورة رئيسة في ثلاث كلمات: الموت (سيُبطل) والدموع (ستمسح) وأورشليم (المدينة المقدسة). لكن ثمة كلمة لا يجوز إغفالها، وهي كلمة الخلاص (وهي مصدر مشتق من فعل يخلّص). وهذه الكلمة غاية في الأهمية إذ أنها تلخص نبؤة أشعياء.
يقول أشعياء:" وَيُقَالُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ: ’هُوَذَا هَذَا إِلَهُنَا. انْتَظَرْنَاهُ فَخَلَّصَنَا. هَذَا هُوَ الرَّبُّ انْتَظَرْنَاهُ. نَبْتَهِجُ وَنَفْرَحُ بِخَلاَصِهِ.‘" (25: 9) الفكرة الرئيسة واضحة: الله هو الذي يخلص من الموت!
موضوع الخلاص هذا يسيطر في كل الكتاب المقدس ويبلغ الأوج في الرؤيا أثناء مشهد جليل للعبادة:
"بَعْدَ هَذَا نَظَرْتُ وَإِذَا جَمْعٌ كَثِيرٌ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّهُ، مِنْ كُلِّ الأُمَمِ وَالْقَبَائِلِ وَالشُّعُوبِ وَالأَلْسِنَةِ، وَاقِفُونَ أَمَامَ الْعَرْشِ وَأَمَامَ الْخَرُوفِ...وهُمْ يَصْرُخُونَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ: ’الْخَلاَصُ لإِلَهِنَا الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَلِلْخَرُوف.‘" (رؤيا 7: 9- 10)
فكّر في النبي يونان. لقد حمد الله لأنه خلصه من الموت فقال، "للرب الخلاص." (يونان 2: 9) فما الذي عناه هذا الخلاص؟ وماذا بشأن الآخرين الذين خُلِّصوا/أنقذوا من الموت؟ (راجع مزامير 116، 107، 49). إننا نعرف بالتأكيد أن الله خلص أشخاصا من مواقف تقارب الموت. ولكن هل هناك معنى أعمق للخلاص؟ هل يخلص الله الناس من القبر بل ومن الهاوية؟
يتحدث داود ويونان عن خلاصهما بهذه الطريقة. (انظر يونان 2: 2؛ مزمور 30: 2؛ مزمور 22: 10) فكيف تحقق ذلك؟
الكتاب المقدس يقدم التفسير:
الله ... خَلَّصَنَا ... بِمُقْتَضَى... النِّعْمَةِ... الَّتِي أُظْهِرَتِ الآنَ بِظُهُورِ مُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي أَبْطَلَ الْمَوْتَ وَأَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيلِ. (2 تيموثاوس 1: 9- 10)
وليس ذلك فحسب، فالكتاب المقدس يصف قيامة المسيّا كإنقاذ من الموت أي من القبر بقوة جبارة. نقرأ في أعمال الرسل 2: 24:
اَلَّذِي أَقَامَهُ اللهُ نَاقِضاً أَوْجَاعَ الْمَوْتِ إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِناً أَنْ يُمْسَكَ مِنْهُ. (قارن مع عبرانيين 5: 7)
ما الذي يمكن أن يقوله القراء المسلمون عن خلاص الله؟ إن "مكان الخلاص" في الإسلام ليس فيه دموع ولا موت. ومما يستحق الاهتمام أن جنتهم فيها وليمة أيضا. ولكن المسلمين، للأسف، لا يقرون بقوة الله المخلصة، ربما في الظاهر ولكن ليس بالحقيقة. فماذا أعني بذلك؟
خلال أربعة عشر قرنا من التاريخ الإسلامي، لم يُقِرّ العلماء المسلمون بأن اسم المخلص هو أحد صفات الله البارزة، اي أحد أسماء الله الحسنى ال99. أضف إلى ذلك أن العهد القديم يتحدث كثيرا عن تخليص الله للبشر من خطيتهم عن طريق الذبائح الكفارية، والتقدمات إلخ... إلا أن الإسلام يرفض موت المسيح على الصليب رفضا تاما كما يرفض المبدأ الأساسي الذي تبنى عليه تلك الذبائح في العهد القديم – ألا وهو أن يحمل شيء ما (أو شخص ما) بالنيابة عقوبة شخص آخر.
لقد مات يسوع المسيح إتماما للنبؤات التي سبقت. فالنبي أشعياء يلخص ذلك بصورة جيدة في 49: 6 "فَقَدْ جَعَلْتُكَ نُوراً لِلأُمَمِ لِتَكُونَ خَلاَصِي إِلَى أَقْصَى الأَرْضِ." كذلك فإن الاسم الذي أعطي للمسيح من قبل ملاك الله هو يسوع أي خلاص الله.
فكرة للتأمل: هل كان من قبيل الصدفة أن يسوع تنبأ بأن موته سيتم في أورشليم، المدينة التي قال أشعياء أنه فيها سيزال الموت؟
الموضوعات التالية تتصل بموضوعنا وقد تهمك:
· هل كان إله الكتاب المقدس قويا إلى درجة كافية بحيث يخلص يسوع كي لا يقتل؟
· هل يعبد المسيحيون والمسلمون الإله نفسه؟
· الله مضياف: ألا ينبغي علينا نحن أن نكون مضيافين أيضا؟
· قلب يفكر في الأبدية.